وفي فصل منها: ما عسى أن أكتب وقد أطلعت في القول حتى أمللت، وأكثرت من التشكي حتى أضجرت، ولو شئت أن أقول لما أسعدت نفس قد هدمتها الهموم فما تقدر، وأحسب [أن] لو أقبل علي من الدنيا موليها، وأمكنتني الآمال من نواصيها، لما اهتززت لها اهتزاز نشاط، ولا وليتها ولاية اغتباط، فبؤسا للدهر ما أعنفه من مالك وأصوله، فانظر على أي نفس قدر، وفي أي همم أثر، وأي خطر أخمل، وأي إباء استنزل، وأي حد كل وفلل.
ومن أخرى: في حالي - أعزك الله - عجب للمتعجب، كلما رمت وجهة فأتيتها من أقصد مذهب، وتناولتها بألطف مرعب، حتى تخيل لي أن أبيها قد أسمح، وحميد السعي فيها قد أنجح، رجعت عنها صفر الوطاب، وحصلت على رقراق السراب، وكان المستعجل منها أبطأ وأعصى، والمستقرب أبعد وأنأى، ويا ليت شعري إلى متى، وكم أتعذب وأشقى، وهل لهذا التحير أمد، زماني كله نكد -!
وفي فصل من أخرى: وأما حالي التي تطلعت اليها فحال من لا يزال يستنجز الأيام عدات كواذب، ويستسقيها فتمطر صواعق ومصايب. وله من أخرى يخبر ما جرى عليه بدولة المقتدر: كتابي وأنا أساير