لي منها إلا أن أرى كيف تنقسم رتبها وتتناوب، وتتنازع نعمها وتتجاذب، وتغنم فوائدها وتتناهب، حتى كأني جئت على العدد [71أ] زائدا، ولم أكن عند القسمة شاهدا، فنبذت بالعراء، ولم يثبت اسمي في جملة الأسماء، وما أقول هذا قول ساخط، ولا أيأس من رحمة الله يأس قانط، ولكن ربما استراح العليل في أنة، واستغاث المتوجع إلى رنة، وخفف عن المصدور نفث، ونفس من وجد المكروب بث.

ووصل كتابك مؤنسا إيحاش النوب، ومسليا عن حوادث الكرب، على عادة ما يرد من تلقائك، ويتجدد لدي من أنبائك، ووقفت على ما أزمعت عليه من لقاء الوزير الأجل فهيجت لي بذكراه، صبابة لقياه، واستطرت من أشواقي إليه وقعا، وأيقظت من آمالي فيه هجعا، وجعلت المنى تذهب بي كل مذهب، وتجري من بروقها بين صادق وخلب، وتخيل لي أن المثول بحضرته قد دنا، والفوز برؤيته قد أنى، وتناولتني الهواجس بذلك حتى كأن ناظري مستنير بمرآه، وسمعي مصغ إلى نجواه، فما لبث أن أنشدت:

منى إن تكن حقا تكن أحسن المنى وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015