به مذهب سعي قطع به من النحوس سد، حتى لو عرض له عند الظما شرب، لغيض وحمته من الخطوب خطب، فاليأس قاطع أسباب الطلاب، ومغلق من النجح جميع الأبواب، ولكنها النفس ما بقيت لها حشاشة فهي تشف إلى طمع، وتنهض على ظلع، وتجهد ألا تقصر [70 ب] إلى أن تموت فتعذر.
وفي فصل من أخرى: ليت شعري متى أفتتح بالرضى، وهل أكتب وقتا من الدهر ولا أتشكى، فإني أحمد الله على حياة أقطعها في شدائد لا تنثني، وسكرات غم لا تنجلي، ونكد أخلاق لا يشوبه ابتهاج، وضيق أحوال لا يتخللها انفراج، ولئن كان باقي العمر كماضيه، وعوائد العيش كبواديه، فالحمام أعذب موردا، والوفاة أحسن مشهدا، فليس [بعد] هذا العذاب ما هو أشد، فلكل شيء مدى ينتهي إليه وحد؛ فسبحان من جعل الدنيا دار كرب ومحنة، لكل ذي لب وفطنة، ومقام تنعم وترف، لكل ذي خسة ونطف، وسبحان من ابتلى فيها ذوي الفضل والنهى بكل قعط بنفسه ويستشرف من سماء المجد، ويلتف في جعسه ويستقذر عنبر الهند.
وفي فصل من أخرى: كتابي وقد لقيت من التعذر في الدنيا ما صحح منها اليأس، وأراح من وسواس الترجي للنفس، وأغراني برفض المطالب، بما أفادني من التجارب، وقد خلعت عني ذل الطمع، ولبست عز التوكل