وان جذم نأي الدار، كف الخيار، ففي البعد اعتذار، وفي الجهد إعذار، وإن مع التجاوز ليعلم العيان، ومع التحاور ليطمئن البرهان، ومع التزاور لتزول الأحوال، ومع التقارب ليقع الإخلال، والقوى [المخلوقات] قريبة الانحلال، سريعة الانفعال، والنيرات على وفور ضيائها، وظهور سنائها، فيما لا تقابل كليلة، وعندما لا تسامت عليلة، وفيما لا تناول ضئيلة، وما قنية ورثتها، ونعمة طوقتها، ورفعة ألبستها، بمكفورة آثارها، ولا مسودة أنوارها، ولا مواتي إلى الدولة العلية بطارفة، ولا شوافعي لديها بمستانفة.

وله من أخرى عن المنصور إلى أهل قرطبة: إن كنت منكم بنبوة، وعنكم بنجوة، فإني شهيدكم بنفسي، وقسيمكم بحالي، أراكم بعين المشاهدة، واكلأكم بعين الإحاطة، أعد كبيركم كالعم، وصغيركم كابن الأم، فأنتم الأهل والجيران، والذخائر للزمان، في الدار التي منها خرجت، والبيضة التي فيها نشأت، أفضل دار تكنفني عيابها، وأول أرض مس جلدي ترابها، فلو أمكن أن تصير إليكم أمدادي مع الرياح، وتطير نحوكم أجنادي بألف جناح، ملبيا لدعوتكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015