في قوى نفسه على خليقتك، وجرى في اعتبار الدنيا على طريقتك، فهو يلقى خطوب الدهر، بمجن من الصبر، إذ قد ذاق حلوها ومرها، وخبر صفوها وكدرها، فليس حدث الزمان عنده بنكر، ولا خطبه لديه بمنكر، وهو كما قيل:

وفارقت حتى ما أراع من النوى وإن بان جيران علي كرام

ومما زاد علي في الإشفاق، ما كان لديه من الأعلاق - أوشك الله خلفها عليك، ولا غير نعمه لديك - وما قد فات من المال، فهو ليوم الحاجة ذخيرة إلى صالح الأعمال، وكل جليل [65 ب] يصغر عند الدفاع عن حوبائك، وكل خطير محتقر مع سلامتك وطول بقائك.

وله من رقعة عن إقبال الدولة إلى المعز بن باديس: أطال الله بقاء سيدنا الأجل رافع أعلام الهدى، ومحيي كلمة التقوى، وقوام أمر الدين، ونظام شمل المسلمين، وشعار حزب المؤمنين، وناظر عين الزمان، وروح جسم الأوان، وحسام عاتق الإسلام، وحلي جيد الأنام، مخلدة دولته، مؤيدة حيث يمم بطشته.

وفي فصل منها: وإني وإن قعدت عن مناسك فرضها، وتأخرت في مضمار قرضها، فإني معيرها ضميرا كما انبلج النهار، وشكرا كما أرج النوار، وهل أنا إلا أحد أبنائها، وشهب سمائها، وشيعة علائها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015