فأما أبا عامر وقد نحت أثلة الشك لتستيقن، وقرعت مروة الحديث لتستثبت، فلأصدقنك سن بكري، استنامة إلى صدقك، ولأطلعنك على مثل ما أطلعت من غيبك، وأقول لك قول من زف اليك وده براحة ثقته، وأنبأك ما عنده بلسان صداقته، وقد تعدي الصحاح مبارك الجرب، ويغفر الله ظنوننا فبعضها إثم؛ وفي هذين المثلين كيفية بدء الحال وعودها، وجماع ما يعبر به عن حورها وكورها، وتحت جملتها تفصيل طويل، وتفسير كثير، بعيد مرامه عليك قريب:
فنجي الفؤاد يعلمه العاقل ... قبل السماع بالإيماء ولهذا اكتفى البليغ من الإسهاب فيما يريد بالايحاء ... غير أن الكتائف ترفض عند المحفظات، والعجلة تترك تبركا بالأناة، وإذا استكففت حاجب أفقنا بيد رفقك، وأومأت إلى جونا برجع طرفك، أدرت دراري الوداد في مناطق أفلاكها، وتركت أعلام الوفاء ثابتة على آساسها، وجلوت أعراس الإخاء في أحسن معارضها، فما لنا لا نقر الطير على وكناتها، وننكب عن الأفاعي العزم فلا نطؤها في مراصدها، ونجانب عن بنت الطريق إلى أمها، ونسري سرى النجوم على سمتها، ونعود إلى التي هي أعدل سننا، قبل أن يسبق السيف العذل سفها: