ممن أرضى باريه، باسخاط أهليه، إن لي في من سلف أسوة، وبالنبي عليه السلام قدوة، ولو نظر بعين الحقيقة، ولم يعدل عن سنن الطريقة، لكان من أنصاري، في إقامة أعذاري: هذا خليل الرحمن، وكان في الأنبياء من كان، لما تبين أن أباه عدو لله تبرأ منه، وقد تل أيضا عليه السلام ابنه الذبيح للجبين، ووضع في حلقه السكين، وهو من أبر النبيين، اتباعا لأمر الله حتى فداه الرب الكريم، بالذبح العظيم، وصبر على ما لو حل بالصخر لفلقه، أو بالحجر لفرقه؛ وهذا عمر بن الخطاب، وكان من كان في الأصحاب، قد قسا قلبه علة أبي شحمة، لم تأخذه فيه [رأفة ولا] رحمة، حين جلده، حتى فقده، وصبر غير مكتئب، صبر المحتسب، إرضاء لباريه، وتقربا إليه بما يرضيه. وكان لبعض بني العباس، وهم أئمة الناس، في ابنه العاق ما قد درس خبره، وطمس أثره، ولولا أن الإطالة، تفضي إلى الملالة، لأوردت من خبره الأشنع، ما فيه مقنع، وأحدثهم عهدا في هذه العصور، عبد الله الأمير وأبو عامر المنصور، فأما عبد الله فقد قتل ابنه محمدا، لما أحس منه تمردا، وكان قرة عينيه، فما عيب ذلك عليه؛ وأما [43أ] المنصور، وحسبك به جزالة وحزامة في الأمور، فقد فعل بابنه عبد الله ما فعل لما عصى، وشق العصا، هذا وما بلغا هذا المبلغ، ولا ولغا في الدم كما كاد هذا اللعين أن يلغ، ولو اقتصصت، فوق ما نصصت، لأطلت وأمللت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015