المشهور فضله وسؤدده، عليك نعمه ظاهرة وباطنة، وأجزل لك به قسمه متوافية زاكية، وآتاك من كل حظ أجزاله، ومن كل صنع أجمله، ومن كل خير أتمه وأكمله، فإن الأيام قد وصلت بيننا إلى التراسل سببا، وجعلت لنا في التواصل أربا، فإذا أمكن سبب قدمته، وإذا تهيأ رسول اغتنمته، توكيدا للحال معك، وتجديدا للعهد بيني وبينك، فمثل الحظ منك لا يهمل، سبب الحق الذي لك لا يغفل، ومكاتبة الصديق عوض من لقائه إذا امتنع اللقاء، واستدعاء لأنبائه إذا انقطعت الأنباء، وفيها أنس تلذ به النفس، وارتياح تلتذ منه الأرواح، وارتباط يتصل به الاغتباط، واعتقاد يتبين به الوداد، ومثل خلتك الكريمة عمرت معاهدها، ومثل عشرتك الجميلة شدت معاقدها، ومثل مكارمتك المبرة حمدت مصادرها ومواردها، فإني متطلع إلى أخبارك أراعيها، وحريص على أوطارك أقضيها، ومستمطر لكتبك الكريمة أجتليها، فمنذ صدر عني فلان لم أتلق عنك خبرا، ولم ألحظ من تلقائك أثرا، وذلك لا محالة لامتناع البحر وارتجاجه، وتعذر المسلك وإرتاجه، وإذ قد ذل صعبه، وهان خطبه، فأنا أعتقد أن كتابك بازاء كتابي هذا مجدد عهدا، ومهد عنه حمدا، فإنه ما دخل إلينا ولا تكرر علينا إلا وذكرك الجميل في فمه يبدئه ويعيده، وثناؤه يلهج به ويشيده، في شكر الأمير الأجل والإشادة بتعظيم أمره، وتفخيم قدره، فإنه لا يعرف عندنا إلا بوسمه، ولا يناضل [إلا] بسهمه، ولا يجاهد إلا عنه، ولا يحتسب إلا فيه. ومن جرى على البعد هذا المجرى، وشكر شكره النعمى، فحقيق بالإنعام [41أ] خليق بالإكرام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015