حكما، ولا قاد جيشا، والله يملي لمن شاء، ويستدرج من يريد، له القوة البالغة.

وما ابن عباد ببدع فيما أتاه في هذا، فقد يضطر الملوك مع ذي أرحامهم السامين إلى نيل مرامهم من مستجرئ عليهم، إلى ما يحملهم على انتهاك أكثر من ذلك حبا للحياة الدنيا الغريرة، ومنجاة بالرغبة من الفرقة المبيرة، على أن العفو أقرب للتقوى لا محالة، مع أن أسباب الملوك الاضطرارية لا تحمل الاستقصاء، ولا تعرض للتمحيص، قرن الله بأعمالهم الصلاح، وجنبهم بمنة الجناح.

قال ابن بسام: وكان خاطب المعتضد يومئذ جماعة [من] حلفائه وقص عليهم نبأة [مع ابنه] ، فمن جواب بعضهم له في فصل قال فيه: تقديم الوصف - أيدك الله - للوداد والاعتقاد، من المتعارف المعتاد، فيستفتح به أول المكتوب، كما يستفتح الشعر بالنسيب، لكني - أيدك الله - أربا بحبلها عن شاهد غير الضمير، وواصف غير ما في الصدور، وبرهان غير الناظر المشهور، وأرمي شاكله الغرض، وأصف ما أباتني ليالي على قضض ومضض، ثم ما رد باقي الأنس، وشفى لاعج النفس، فإن الأنباء وردتني عن المنصور أبي الوليد ابنك ابني - أعزه الله - بانزعاجه أولا، وأبطأت الجلية كملا، فأشفقت على يقيني أن الداخلة تصده، والحقيقة ترده، وأن شهامته جمحت به، وصرامته صرمت منه، وأنه حسام دلق من غمده، وسهم نفذ وراء غرضه وحده، وأن ريح الصبا عصفت عليه وهو لدن المعطف، وغرة الشباب اهتبلته وهو سلس المقود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015