اعتزم إلى إنقاذ أمره في الفرار عنه من طريقه ذلك، فعمل في النكوص عنه بما قد مناه، وهجم على قصر أبيه وأخذ ذخائره. وخرج مبادرا. ووزيره هذا البزلياني معه قد تولى كبر ما أحدثه، ونفذ في مقدار ثلاثين فارسا من خاصة غلمانه، بعد أن غرق سفن المعابر الراتبة قدام القصر بالنهر، كيما يعتاص وصول الخبر إلى أبيه، بالمتنزه الذي كان فيه بعدوته، إلى أن يبعد في مهربه، فاتفق أن بادر إليه بعض غلمانه النازلين معه بالقصر، وقد أنكر مدخل إسماعيل وخطفه، فقطع النهر سباحة، وسبق إلى مولاه عباد فأيقظه من نومه، وعرفه بالحادثة، فسقط في يده، وبادر بإحراج عدة من فرسانه، وأنذر عليه قواد الحصون، فلجأ إلى قلعة الحصادي - حسبما قدمناه - واستقر بعد في اعتقال والده مدة يقلب الرأي في أمره ظهره لبطنه، ولا يبين من قوة غضبه عليه ما يؤنس من استبقائه له، وقد عجل على أبي عبد الله البزلياني لأول ما اعتقله عنده، لفرط حنقه عليه، فضرب عنقه، وقتل معه نفرا من خواص إسماعيل، فاستوحش من أبيه، ولم يشك أنه لاحق بهم، فدبر من مكانه، موضع اعتقاله، الهجوم على أبيه، والتسور على قصره من قبل عورة عرفها كيف [39أ] يفتك به ويصير مكانه، وساعده الموكلون به على الأمر وقد مناهم ببلوغ الأمل بتمامه، فقاموا معه في ما أراد من ذلك، والقدر يجد بهم به، إلى أن وقع في يد والده كرة أخرى فبطش به ولم يقله، وتفرد بقتله جوف قصره، فلم يقف أحد على مصرعه لطمس آثاره وآثار جميع أصحابه وغلمانه وخواصه، بعد أن جلد بعضهم، وقطع أطرافهم، وتجاوز إلى الضعفاء من حرمه ونسائه فأتى على خلق منهم سرا وجهرا، ومثل بهم أنواع المثلة، حتى طهر أثر ولده هذا وقطع دابره، فكأن لم يكن قط أميرا، ولا أنفذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015