لين المصرف، والمرء للخطل والزلل، وكل مخلوق ففيه النقص والخلل.
ومن جواب ابن أبي عامر له: الدنيا رنقة المشارب، جمة النوائب، تسلك بأهلها كل سبيل، وتريهم من خطويها [39ب] كل معلوم ومجهول، تقطع ما اتصل، وتمنع ما تبذل [وتسوء من حيث تسر، وتخون من حيث تفي، لا تمتع بحال، ولا تدوم] على وصال، وهذا أصح دليل على هوانها وصغارها، وأوضح تمثيل في تفاهة شأنها ومقدارها، وان كثر فيها التنافر، وعظم فيها التقاطع والتدابر، فنسأل الله ألا يصرفنا عن التوفيق، ولا يعدل بنا عن سواء الطريق.
وإن كتابك ورد بما لم يقع في تقدير، ولا عن مثله في ضمير، من الداهية الدهياء، والمعضلة الشنعاء، والحال الحادثة مع من رين على قلبه وعقله، وغبن في حظه ورشده، فزاغ عن نهاه، واتخذ إلهه هواه، ولقد وقفت بك، عمادي، على عبرة المعتبرين، وعظة المتدبرين المبصرين، فإن الذي رمتك به الأيام لغريبة الغرائب، تؤذن بانقطاع الخير، وارتفاع البر، أفلا راعى أولا ما أوجب الله تعالى [تقدست أسماؤه] للآباء على الأبناء - فإنه قرن ذكرهم بذكره، وشكرهم بشكره، فقال: (أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) (لقمان: 14) وقال: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) (الاسراء: 23) إلى ما جاء في العقوق، فقد قيل: إن العقوق هلك، والمروق شرك؛ وقيل: عقوق