من جيشه، وحذره لنزوله ما بينهم وبين حليفهم باديس بن حبوس الذي لم يشك في إسراعه إليه فيقع بين لحيين يمتضغانه، وأنه عرض ذلك على أبيه فاستجبنه وأغلظ وعيده، وكاد يسطو به، وألزمه المسير لسبيله، وأوعده القتل على التواني عنه، فأوحشه [38أ] ذلك، ودبر الفرار عنه مع خويصة له أغوته، فمشى من اشبيلية نحو مرحلتين، ثم أظهر لأصحابه أن كتابا سقط عليه من عند والده يستصرفه فيه لأمر أراد مشافهته فيه، فرجع إلى اشبيلية، وأصاب فرصته بما قدر بمغيب والده عن حضرته إلى مكان متنزهه بحصن الزاهر، فاقتحم قصره، وعلق ببعض ذخائره واحتملها، وأخذ أمه وحرمه، واستكثر مما غله من المال والمتاع، يخال أن ينجو، واحتمل كل ذلك على الدواب، وطلبها في الليل ممن يعهدها عنده، ومضى لوقته مدابرا طريق الجزيرة الخضراء، ثغر أعمال والده بالساحل، مقدرا دخولها وارنتزاء بها عليه، فصار ارتباكه في تباطؤه الداعي إلى لحاقه وعوقه عن طريقه، واختلف الحكايات في قصته هذه وسبيل مهربه، وظفر والده به وانصرافه إلى يده، مما يطول القول فيه، بعد أن وقف في طريقه بعض حصون أبيه، فغلقها قواده في وجهه، وخاف اجتماعهم للقبض عليه، فاضطر إلى ابن أبي حصاد بقلعته طرف كورة شذونة، مستجيرا به، فأجاره - زعموا - بأسفل قلعته لم يصعده إليها استظهارا على مكيدة قدرها من أبيه، بعد أن نزل إليه واستقبله برجاله، مشيرا إليه بمراجعة أبيه، ورفع الخرق عليه بالإنابة إلى طاعته، ضامنا له اسجلاب عفوه، فلم يمكنه العدول عنه لقلة من معه، وأجابه، فأنزلهم عنده منزل تكريم، وبادر الكتاب إلى عباد حصوله بيده، ووصف له ندمه، وتشفع له، فسر عباد بذلك، وكان شديد الخوف أن يلحق بأعدائه هنالك، وأجاب هذا الحصادي