إنما أشحذ على نفسي منه شفرة، وأوقد [منه] بالتدريب والتخريج تحت حضني جمرة، وما كنت خصصته بالإيثار، واستعملته في المكافحة والغوار، إلا لجزالة كنت أتوسمها فيه كانت عيني بها قريرة، وشهامة كنت أتوهمها منه كانت نفسي بها مسرورة، فإذا الجزالة جهالة، والشهامة شرة وكهامة، وقد يفتن الآباء بالأبناء، وينطوي عنهم ما ينطوون عليه من الأسواء، مع أن الآراء قد تنشأ وتحدث، والنفوس قد تطيب ثم تخبث، لقرين يصلح أو يفسد، وخليط يغوي أو يرشد، وكما أن داء العر يعدي، كذلك قرين السوء قد يردي، ومن اتخذ الغاوي خدينا، عاد غاويا ظنينا، (ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا) (النساء: 38) . وقد انطوى عن بعض الأنبياء عليهم السلام ما آل إليه [أمر] بعض بينهم، هذا والوحي يشافههم ويناجيهم، فكيف بنا وإنما نقضي على نحو ما نسمع، ونقطع على حسب ما نرى ونطلع، وليس علينا ضمان العواقب، ولا إلينا علم حقائق المذاهب، وهي الخواطر، لا يعلمها إلا الفاطر، والبواطن، لا يحيط بها إلا الظاهر الباطن، وقد يخبث طعم الماء مع الصفاء، ويروق منظر الدمنة الخضراء، ويذوي ثمر الدوحة الغناء، في التربة الغضراء.

وفي فصل منها: ولما وثب اللعين [37أ] الغبين، من المهد، إلى سرير المجد، ودرج من الأذرع، إلى المحل الأرفع، ورآه استغنى، وأثرى من زينة الدنيا، أشره ذلك وأبطره، وأطغاه وأكفره، وطلب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015