مني أنفصلت إليك، وثمرة من جنى قلبي حصلت لديك، وما بان عني من وصلت حبله بحبلك، وتخيرت له بارع فضلك.
وإنما ألم الصابي في هذا أيضا بفصل لابن ثوابة كتبه عن المعتضد إلى ابن طولون في ذكر ابنته قطر الندى المنقولة أيضا إليه، يقول فيه: وأما الوديعة فهي بمنزلة من انتقل من يمينك إلى شمالك، عناية بها وحياطة لها، ورعاية لمواتك فيها.
فحكي أن الوزير عبيد الله بن خاقان انتقد الفصل على ابن ثوابة وقال له: ما أقبح ما تفاءلت لامرأة زفت إلى الملك بتسمية الوديعة، والوديعة مستردة، وقولك: من يمينك إلى شمالك أقبح، لأنك جعلت أباها ابن طولون اليمين، والشمال أمير المؤمنين، ولو قلت على حال: وأما الهدية فقد حسن موقعها منا، وجل خطرها عندنا، وهي وإن بعدت عنك، بمنزلة من قرب منك، لتفقدنا لها وسرورها بما وردت عليه، واغتباطها بما صارت إليه؛ فكتب الكتاب يومئذ على ذلك.
وكان في جملة من تحمل قطر الندى يومئذ إلى المعتضد أبو عبد الله ابن [35أ] الجصاص، وكان آية من آيات خالقه في الجهل والغباوة، مع وفور الجاه وغلظ النعمة، ونوادره في النوكى مأثورة مذكورة، حدث أبو اسحاق الماذراني قال: خرجنا إلى الشماسية مع الوزير عبيد الله بن سليمان نستقبل ابن الجصاص، وقد وافى بغداد بقطر الندى