لسانه، وحسن توصله إلى حاجته دون معرفة. وكان مع ذلك أرفع الملوك همة في اكتساب الآلات والكسوة، وهو أول من بالغ الثمن بالأندلس في شراء القيتات، اشترى جارية أبي عبد الله المتطبب ابن الكتاني، بعد أن احجمت الملوك عنها لغلاء سومها، فأعطاه غيها ثلاثة آلاف دينار فملكها، وكانت واحدة القيان في وقتها، لا نظير لها في معناها، لم ير أخف منها روحا، ولا أملح [28ب] حركة، ولا ألين إشارة، ولا أطيب غناء، ولا أجود كتابة، ولا أملح خطأ، ولا أبرع أدبا، ولا أحضر شاهدا على سائر ما تحسنه وتدعيه، مع السلامة من اللحن فيما تكتبه وتغنيه، إلى الشروع في علم صالح من الطب ينبسط بها القول في المدخل إلى علم الطبيعة وهيئة تشريح الأعضاء الباطنة وغير ذلك مما يقصر عنه كثير من منحلي الصناعة، إلى حركة بديعة في معالجة صناعة الثقاف والمجاولة بالحجفة واللعب بالسيوف والأسنة والخناجر المرهفة، وغير ذلك من أنواع اللعب المطربة، لم يسمع لها بنظير ولا مثيل ولا عديل. وابتاع إليها كثيرا من المحسنات المشهورات بالتجويد، طلبهن بكل جهة، فكانت ستارته في ذاك أرفع ستائر الملوك بالأندلس. وحدثت عنه أنه اجتمع عنده مائة وخمسون حظية، ومن الصقلب المجابيب ستون وصيفا لم تجمع عند أحد من نظرائه؛ انتهى كلام ابن حيان.
قال ابن بسام: وأما ذو الرياستين فكان له طبع يدعوه فيجيبه، ويرمي ثغره الصواب عن قوسه فيصيبه، على ازدراء كان منه بالأمة، وقلة استخذاء لمن عسى ان يأخذ عنه من الأئمة، وربما خالسهم الكلمة بين