شهم الفؤاد، معدودا في الأجواد، مفضلا في الوزراء والقواد، حصل بمربيطر واقتطعتها، وحل بها سلك الرياسة ومطلعها، وما خلع اسم الوزارة، ولا تسوغ سواها من أمه وزاره، فغدت به منزع الوافد، وكانت عنده مشاهد، تزف للمنى أبكارها نواهد، يراق بها نجيع الراح، ويساق إليها ترجيع الأقداح، والدنيا تسعده، وتنجز له ما تعده، إلى أن لعب عليه ابن رزين وخدعه، ولم يف له بما أعطاه منها عوضا وأقطعه، فبقي ضاحيا، وغدا جوه من تلك العدة صاحيا.

وله نظم نظم فيه من المحاسن جملا، وأعاد سامعها ثملا، وقد أثبت له ما يدل على نفاسة سبكه، وجودة حبكه، فمن ذلك ما قاله متوجعا لخليط ظعن، وأوغل في شعاب البعد وأمعن:

سقى أرضا ثووها كل مزن وسايرهم سرور وارتياح

فما ألوى بهم ملل ولكن صروف الدهر والقدر المتاح

سأبكي بعدهم حزنا عليهم بدمع في أعنته جماح

وكان بقصر مربيطر في المجلس المشرف منها، والبطحاء قد لبست زخرفها، ودبج الغمام مطرفها، وفيها حدائق ترنو على مقل من جنسها، وتبث طيب نفسها، والجلنار قد لبس أردية الدماء، وراع أفئدة الندماء، فقال:

قم يا نديم أدر علي القرقفا أو ما ترى [زهر] الرياض مفوفا

والجلنار دماء قتلى معرك والياسمين حباب ماء قد طفا

وله:

لحا الله قلبي كم يحن إليكم وقد بعتم حظي وضاع لديكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015