عامر هذا أحد أنجادهم، ومتقلد مجادهم، فاقهم أدبا ونبلا، وباراهم كرما [تخاله] وبلا، إلا أنه بقي وذهبوا، ولقي من الأيام ما رهبوا، فعاين تنكرها، وشرب عكرها، وجال في الآفاق، واستدر أخلاف الأرزاق، وأجال للرجاء قداحا متواليا الاخفاق، فانخمل قدره، وتوالى عليه جور الزمان وغدره، فاندفنت أخباره، وعفت آثاره، وقد أثبت له بعض ما قاله وحاله قد أدبرت، والخطوب إليه قد انبرت، فمن ذلك:

الشمس أنت وقد أظل طلوعها ... فاطلع وبين يديك فجر صادق وكان له ابن مكبود قد أعيا علاجه، وتهيأ للفساد بذلك مزاجه، فدل على خمر قديمة فلم يعلم بها إلا عند فتى وسيم، فكتب إليه:

أرسل بها مثل ودك ... أرق من ماء خدك

شقيقة النفس فانضح ... بها جوى ابني وعبدك وكتب معتذرا عن تخلفه عمن جاءه منذرا:

ما تخلفت عنك إلا لعذر ... ودليلي في ذاك حرصي عليكا

هبك أن الفراق عن غير عذر ... أتراه يكون إلا إليكا [26أ] فصل في ذكر ذي الوزارتين القائد أبي عيسى ابن لبون

أحد وزراء ابن ذي النون المعتزين في دولته، المعدين لباسه وصولته، ولكنه ثار، وخاض الهول المثار، وخلص من الهلك، واقتنص نافر الملك، وكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015