عمل يرضيه به عني، وأسأله لك السند الذي يعزى الجود إلى بنانه، ومنطق الفضل إلى لسانه، محزا آهل المعاهد، وحرزا ثابت القواعد، و] قد تصرفت في سهوب الاسهاب، وتعلقت بإطناب الإطناب، وسلكت من البلاغة مسالك لا تجد حيات الأذهان فيها مدبا، وأرواح الأفكار في جوها مهبا، فإن قرعت بابها معك، وقد باشرت بدعك، زادني انغلاقا، وكنت ككون مع عتيق لا يرجو له لحاقا، فالأحجى بذي الحجى سلوك سبيل الاختصار والإيجاز، إذ لا بد من الوقوع تحت الاقتصار والاعجاز، والله يبقيك لإحياء رسم الأدب، وإقامة أود لسان العرب.
وفي فصل منها: وأكرم بخطابك الأثير، المضمن من الدر النثير، ما لم يستخرج مثله غائص من بحر، ولا تقلدت الغواني شكله على نحر، فلله أدبك ما أبرعه، [وحسن لفظك ما أبدعه] ، أوضحت به مناهج العلماء، وصدقت نتائج الحكماء، ولم أزل ألمحه، وأجيل طرفي فيه وأتصفحه، متعجبا من غرائب كلمك، وبدائع حكمك، إلى أن انكشفت لي أغراضه المبتدعة، وجمله المخترعة، عن ظن حكمته في اليقين، وشك غلبته على الصبح المبين: أنا أنزه ميزك الثاقب، ونظرك الصائب، ورأيك الواضح الدلائل، وما أوتيت من علم جوامع [7ب] الفضائل، عن انتساب مثل ذلك إليك، واشتباه ما فيه عليك، وكنت عهدتك تقضي بالخير على طباع الناس، ولا يوضع على بصيرتك فيه غطاء التباس، حتى فجأني منه ما لو أخبرت به عنك لأنكرته، ولا أدري له سببا، ولا أعرف