طاهر بالفتنة المطغية، رياسة كورة مرسية، - في خبر أضربت عنه لطوله ولأني قد أوردته في كتابي المترجم ب " سلك الجواهر من ترسيل ابن طاهر " - فكان أبو عبد الرحمن يكتب عن نفسه بهذا الأفق، كالصاحب ابن عباد بالمشرق، وله رسائل تشهد بفضله، وتدل على نبله، لاسيما إذا هزل فإنه يتقدم على الجماعة، ويستولي على ميدان الصناعة. ولما حبط أبو بكر ابن عمار سمرات ملوك الأندلس بعصاه، وتردد بنتجعهم بمكايده ورقاه، وإنما كان يطلب سلطانا ينثر في يديه سلكه، وملكا يخلع على عطفه ملكه، جعل أبا عبد الرحمن بن طاهر موقع همه ووجه أمه، ولما ألقى المعتمد إلى ابن عمار بيده، وقلده - على ما شرحناه في أخباره - تدبير دولته وبلده، بعثه على حرب ابن طاهر بغاء بنفسه، وبناء على أسه، فأقبله وجوه الجياد، وأخذ عليه الثغور والأسداد، حتى فت في عضده، وانتزع سلطانه من يده. ولما قال عزمه وفعل، وقام وزن أمره واعتدل، مد يده وبسطها، وكفر نعمة ابن عباد وغمطها، وانتزى له من حينه على مرسية وقعد بها مقعد الرؤساء، وخاطب سلطانه مخاطبة الأكفاء، مستظهرا على ذلك بجر الأذيال، وإفساد قلوب الرجال، معتقدا أن الرياسة كاس يشربها، وملاءة مجون يسحبها، فقيض له يومئذ من عبد الرحمن بن رشيق، عدو في ثياب صديق: من رجل مدره ختر، وجذيل خديعة ومكر، فلم يزل يطلع عليه من الثنايا والشعاب، حتى أخرجه [5ب] من مرسية كالشهاب، وأبو عبد الرحمن بن طاهر