فذكر أشياء صدق فيها، وإبراهيم ساكت، فقال له المتوكل: يا إبراهيم ألك جواب على كلامه؛ قال: جوابي يا أمير المؤمنين في بيتي شعر إن أذن لي قلتهما، قال: قل، فأنشد (?) :
رد قولي وصدق الأقوالا ... وأطاع الوشاة والعذالا
أتراه يكون شهر صدودٍ ... وعلى وجهه رأيت الهلالا فقال المتوكل: زاه زاه!! أحسنت والله، إيتوني بمن يلحن هذا، وأحضروا الندمان، ودعونا من أخبار الديوان، وخلع على إبراهيم.
وخلا المتوكل يومه بلهوه، وبقي إبراهيم مغموماً في منزله، فقيل له: هذا يوم سرورٍ بما جدد عليك من النعمة، وخصصت به من الكفاية بدل النقمة، فقال: الحق بمثلي أولى وأشبه، وما أدفع أحمد بن المدبر، ولا كذب في شيء مما ذكره، ولا أنا ممن يعشره في الخراج، كما لا يعشرني في البلاغة، وإنما ظهرت عليه في يومي هذا بالهزل، فما لي لا أبكي فضلاً عن أن اغتم، من زمان يدفع فيه الحق بالباطل -! وسيكون لهذا وشبهه نبأ بعد.
وقال يوماً يحيى بن أكثم القاضي لابن المدبر بحضرة المتوكل جعفر: أنت كاتب تتفقه وتذكر أنك لا تلزم الناس بالأموال إلا بحجج فقهية: من كتب للنبي عليه السلام - قال أحمد: ليس على الكاتب علم ذلك، ولا تعلمه أيضاً على الفقيه، إذ لا يحلل حلالاً ولا يحرم حراماً، وقد روي أن