وخيرة أملاكها، هب للأدب ريحا، ونفخت دولته في أهله روحا، أعرض (?) به الشعراء وأطالوا، ووجدوا به السبيل إلى المقال فقالوا. وومن خيم في ذراه، ونال الحظ الجسيم من دنياه، الحصري الضرير، فإن (?) له فيه (?) ما أذهل الناظر عن الرقاد، وأغنى المسافر عن الزاد، والحاجب يكحل عينيه بزينة دنياه، ويفتق لهاته بمواهبه ولهاه، وكان سهل الجانب للقصاد، طلق اليد بالمواهب الأفراد؛ من رجل [125أ] استعان بالشر، وتهاون بالأمر، لا يجبي إلا من غلول، ولا يجيش إلا إلى ابن سبيل، لا سيما البحر فإنه أضرم لججه نارا، ولقي ريحه إعصارا، أخذ كل سفينة غصبا، وأضاف إلى كل رعب رعبا، فضجت منه الأرض والسماء والتقت الشكوى عليه والدعاء، وأذن الله لأمير المسلمين وناصر الدين - رحمه الله - فأناخ بعقوته، وحكم مداه بين سنامه وذروته.
وكان من الاتفاق العجيب أن أنشأ المعتمد سفينة ضاهى بها مصانع الملوك القاهرين بعد العهد بمثلها: شدة أسر، وسعة (?) بطن، وظهر، كأنما بناها على الماء صرحا ممردا، وأخذ بها على الريح ميثاقا مؤكدا، ووجهها على (?) مدينة طنجة لتمتار، وقد أنجد أمر الله وغار، ولما رأى أمير المسلمين وناصر الدين - رحمه الله - تلك السفينة، خاطب المعتمد في ذلك، فشحنت على سبتة موتا ذريعا، وأقيمت بإزاء أسوزارها (?) حصنا منيعا. فلما كان يوم