فعاقد بين قوله: " يدي بيدي " و " ذابت الصخرة الصماء من جلدي "؛ وذكر أن المتنبي أنشد من شعر أهل الأندلس، حتى أنشد هذين البيتين، فقال: هذا أشعر القوم.
ولما سمع المعتمد بن عباد قصيدة عبد الجليل هذه ووعاها، سرت في نفسه حمياها، وكانت سبباً لصلة من كان ببابه من الشعراء، غير أنه وفى لبعد الجليل في الحباء.
وكانت يوماً بدار أبي بكر الخولاني المنجم، فاتفق أن دخل علينا عبد الجليل وفي كمه صلة المعتمد من ضرب السكة لديه، قيمتها ثلاثة آلاف درهم، فرفع إليه إثر ذلك قصيدته التي أولها:
ما الشعر مرتجلاً أو غير مرتجل ... ببالغ كنه ذاك السؤدد الجلل
بأي لفظ أحلي منك ذا شيم ... لولا حلاها لكان الدهر ذا عطل
لا حلة الشمس مما قد أحاوله ... ولا نظام النجوم الزهر من عملي
وسائلين أجدا في مباحثتي ... خذا حديثي عن الأملاك والدول [101أ]
جيش المؤيد يقضي من خلائقه ... أن الملوك له ضرب من الخول
فالفرق بينهما في كل معلوةٍ ... كالفرق يوجد بين النقص والكمل
سل المكارم عنه كيف تعلمه ... أو لا فسل شفرات البيض والأسل