لكرته، واستدفاعاً لمضرته، فقد كان أكثرهم لا يشك أن غضب المعتمد عليه، نار يطفئها نظره إليه، وتيار يكفه مثوله بين يديه، فقد كان من قلبه بمكان، ومن إيثار قربه في شان.
وأخبرني الوزير المذكور أن ابن عمار كان يباهي يومئذ بذلته وقلته، عدد آسره الراضي وعدته، ويقاوم بهوانه وامتهانه بأسه وشدته، حتى كأنه أحد خدمه، أو بعض حشمه. قال: وكتب في أثناء ذلك إلى المأمون بهذه القصيدة الفريدة، وهي من حر النظام، وجزل الكلام، وأولها:
هلا سألت شفاعة المأمون ... أو قلت ما في نفسه يكفيني
ما ضر لو نبهته بتحيةٍ ... يسري النسيم بها على دارين
وهززت منه فقد يقلب سيفه ... يوم الجلاد الحين بعد الحين [82أ]
ما لي أنبه ناظراً لم يغف عن ... حظيه من دنيا ولا من دين
وأهز من عطفٍ ثناه عطفه ... حتى خشيت عليه فرط اللين
بيدي من المأمون أوثق عصمةٍ ... لو أن أمري في يد المأمون
أمري إلى مولى إليه أمره ... وكفاك من فوق كفاك ودون
حيث استوى الخصمان حقاً والتقى ... عز الغني بذلة المسكين
ملك طوى سر المهابة شخصه ... لولا أسرة وجهه الميمون