فكتب إليه ابن عمار:

قالوا أتى الراضي فقلت لعلها ... خلعت عليه من سمات أبيه

فأل جرى فعسى المؤيد واهب ... لي من رضاه ومن أمان أخيه

قالوا نعم، فوضعت خدي في الثرى ... شكراً له وتيمناً ببنيه

يا أيها الراضي وإن لم يلقني ... من صفحة الراضي بما أدريه

هبك احتجبت لوجه عذرٍ بينٍ ... بذل الشفاعة أي عذر فيه

خفف على يدك الكريمة أسطراً ... في من أسرت فتنثني تفديه ثم صدر عن شقورة، وجاء به إلى قرطبة يوم الجمعة السادس من رجب من العام، وقد برز الناس لدخول الراضي، وابن عمار في ذلك الحفل، في قيوده، على دابى هجينة، حاسراً في ثوب خلق بين عدلي تبنٍ، عظةً لمن اعتبر مجاري الليالي والأيام، ولعبها بالأنام، فكم دخل قرطبة قبل في أبهة الرؤساء، يسحب ذيل الكبرياء، فسبحان من يبسط للمحسن والمسيء عدله، ولا تدوم العزة إلا له.

حدثني الوزير أبو عمر الفرضي كاتب حشم المتوكل أنه شهد دخول ابن عمار يومئذ قرطبة، فلم ير زعيماً من زعماء البلد، ولا عظيماً من أهل دولة المعتمد، إلا وهو يمسح عطفه، ويمشي بين يديه أو خلفه، توقعاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015