استنامةٍ، في الشفاعة في من أساء لنفسه حظ الاختيار، وسبب لها سبب النكبة والعثار، بغمطه لعظيم النعمة، وقطعه لعلائق العصمة، وتخبطه في سنن غيه واستهدافه، وتجاوزه في ارتكاب الجرائم وإسرافه، حتى لم يدع للصلح موضعاً، وخرق ستر الإبقاء بينه وبين مولى النعمة عنده فلم يترك مرقعاً، وقد كان قبل استشراء دائه، وكشفه لصفحة المعاندة وإبدائه، عذره في جميع جناياته مقبول، وجانب الصفح له معرض مبذول، لكن غيرته الغواية، عن طريق الهداية، فاستمر على ضلاله، وزاغ عن سنن اعتداله، وأظهر المناقضة، وتعرض - بزعمه - إلى المساورة والمعارضة، فلم يزل يريغ الغوائل، وينصب الحبائل، ويركب في العناد أصعب المراكب، ويذهب منه في أوعر المذاهب، حتى علقته تلك الأشراك الني نصبها، وتشبث به مساوئ المقدمات التي جرها وسببها، فذاق وبال فعله {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} (فاطر: 43) ولم يحصل في الأنشوطة التي تورطها، والمنحسة التي اشتملت عليه وتوسطها، إلا ووجه العفو له قد أظلم، وباب الشفاعة فيه قد أبهم، ومن تأمل أفعاله الذميمة، ومذاهبه اللئيمة، رأى أن الصفح عنه بعيد، والإبقاء عليه داء حاضر عتيد؛ ومثلك في رجاحة ميزانه، ومعرفته بأبناء زمانه، لم يجهل بدأة حاله من القل والضعة، وارتقاءه منها إلى الرفعة والسعة، وإنشائه من ذل الخمول، إلى العز العريض الطويل، وتسويغه عقائل الأموال، وجلائل الأحوال.

وفي فصل منها: ففوق لمناضله الجولة نباله، وأعمال في مكايدتها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015