ورد من جواب كريمٍ فكتمته كتم الأرض، ولم أهش لنافلة الشكر عليه فضلاً عن الفرض، وهيهات لوجه الصبح المتبرج من كتم، ولنسيم زهره المتأرج من ختم؛ غير كلمه العذب، بل لؤلؤه الرطب، يجهل للخمول سراه، فلا يفضل عن ستر الراح سناه، ولا يحمل مثقلات الرياح من طيب شذاه، فليحينا منه بقطف يجنينا ثمر السرور، ويعفينا من وصمة التقصير بنا والقصور، فما زلت - أراه الله ما تمناه - أكرم بني الأيام عهداً، وأحكمهم عقداً، وأبعدهم من الآفات وداً، وأحمدهم قرباً حميداً وبعداً، وأصبعهم على الزمان الغادر مراماً، وأشدهم أنفه وعراماً، من أن ينقاد طوع زمامه، ويتصرف - وقد جئت خاطب وده في تضريح أنفي بدمٍ - على أحكامه، لا هم إلا أن يكون ذلك منه - صرف الله صروف الليالي والأيام عنه - ستراً على ما عهده من تأخر كلمي، وتعثر قلمي، واستعجام بناني، وقيام بناني، وقيام ظل البلادة دون إحساني؛ فهل شعر أنه قد نبل الناس، وظهر النسناس، وكلم الرمل الهزج، وسيط غير ما شيء فامتزج! ! ولذلك ما أقدم بي قدم الاعجاب، واستؤذن لي على دولة الكتابة بعد طول حجاب، فافتتحت مطالعة حضرته البهية، أراني بنيل هذه الرتبة العلية للنجم راكباً، وللسعد مواكباً، وإن كنت متكاتباً لا كاتباً، وقاعداً حين تطارد فرسان الكتابة لا جائياً معهم ولا ذاهباً؛ ما ضره لو قارضني على الجد ولو هازلاً، وسابقني إلى غاية الود وأنا الراكب المنبت فيسبق مستريحاً نازلاً، بل ما ضره لو فتق لهاتي وقد همت، وسدد سهام كلماتي وقد ألمت، بمكنون الدر، من ألفاظه الغر، ومخجل الزهر، من حكمه الزهر، فيدني من ذي حرص عليه