وسمعه بالتكريم والتبجيل، وصدأ هذا الزمان معدٍ كل عقلٍ، وفي ما أتوكف من جوابٍ كريمٍ مدوس إمهاء وصقل، وأزال جاهل شبحي لما عليه من الأقذاء، حتى أجتلي صورة حقيقته في رونق الجلاء، وحبذا تعجيله قبل استيلاء العجب القبيح، وتكاتف حجب الغي على متن الصفيح، فيعز صقاله، ويعجز انتقاله، فرأيك انتقاله، فرأيك في ذلك مسدداً إن شاء الله.
فتخلف المخاطب عن المجاوبة، فأعاد عليه ثانيةً بخطابٍ قال فيه:
وكنت أعتقد أنه - أعزه الله - بجوابه لا يبخل عليّ، وقد بسطت لنيلي به الأمل يدي، ومددت لاجتلاء السرور عيني، وحتى الآن فلم يرتد طرفي الشيق إليّ، بل قيد بشطور، تشوفاً إلى بهجة تلك السطور، فما ظنه بصفر اليدين من الأمل، ناظر إلى [65أ] أحد الشقين كالمختبل، بل ما ظنه بقومٍ يكثرون عنه السؤال، ويضربون فيه الأمثال، يودون لو قعد تحت الريبة من تأخر الجواب، وأطاع داعي الظنة في قطع رحم الآداب، لشد ما قدحوا زند الوحشة فصادفوه - والحمد لله - جد شحاحٍ، وأكبوا لنار الفرقة فلم يستضيئوا منها بمصباح، وظنوا أنه قد