واسترابت حياض الوهاد، بعهود العهاد، وتأهبت رياض النجاد، لبرود الحداد، واكتحلت أجفان الأزهار، بإثمد النقع المثار، وتعطلت الأنوار، من حلي الديمة المدرار، أرسل الله تعالى بين يدي رحمته ريحاً بليلة النجاح، سريعة الإلقاح، فنظمت عقود السحاب، نظم السخاب، وأحكمت برود الغمام، رائقة الأعلام؛ وحين ضربت تلك المخيلة في الأفق قبابها، ومدت على الأرض أطنابها، لم تلبث أن انهتك رواقها، وانبتك وشيكاً نطاقها، وانبرت مدامعها تبكي بأجفان المشتاق، غداة الفراق، وتحكي بنان الكرام، عند أريحية المدام، فاستغربت الرياض ضحكاً ببكائها، واهتزت رفات النبات طرباً لتغريد مكائها، فكأن صنعاء قد نشرت على بسيطها بساطاً مفوفاً، وأهدت إليها من زخارف بزها ومطارف وشيهاً ألطافاً وتحفاً، وخيل للعيون أن زواهر النجوم، قد طلعت من مواقع التخوم، ومباسم الحسان، قد وصلت بافترار الغيطان، فيا برد موقعها على القلوب والأكباد، ويا خلوص ريها إلى غلل النفوس الصواد؛ كأنما استعارت أنفاس الأحباب، أو ترشفت شنباً من الثنايا العذاب، أو تحملت ماء الوصال، إلى نار البلبال، أو سرت على أنداء الأسحار وريحان الآصال. لقد تبين للصنع الجميل