شاهدة لك بكمال حجك، مشفقة من فراقك وبعدك، متعلقة لو أمكنها ببردك، وقبل أو بعدما تأنست بك يثرب، ورفع لك جناحها مضرب، فشافهن منازل التنزيل، وطالعت معاهد الرسول، وقضيت من زيارة القبر الكريم واجباً، وقمت بينه وبين المنبر ضارعاً راغباً، فما حجب عنه عليه السلام زورك وإلمامك، وقصدك وائتمامك، وصلاتك وسلامك، بل كان لكل ذلك راعياً سامعاً، ويكون لك بحول الله شاهداً شافعاً، فهنأك الله ما منحك من جزيل الأجر في مواقف الحرمين، وأطار لك من جميل الذكر في الخافقين.
ولما قعد عن قصدك ما قعد، ولم يمكني الوفود عليك في جملة من وفد، استنبت كتابي منابي [75ب] .
وله من أخرى في صفة مطر بعد قحط: لله تعالى في عباده أسرار، لا تدركها الأفكار، وأحكام، لا تنالها الأوهام، تختلف والعدل متفق، وتفترق والفضل مجتمع متسق، ففي متحها نفائس المأمول، وفي منحها مداوس العقول، وفي أثناء فوائدها حدائق الإنعام رائقة، وبين أرجاء شدائدها بوارق الإنذار والأعذار خافقة، وربما تفتحت كمائم النوائب، عن زهرات المواهب، وانسكبت غمائم الرزايا، بنفخات العطايا، وصدع ليل اليأس صبح الرجاء، وخلع عامل البأس والي الرخاء، ذلك تدبير اللطيف الخبير، وتقدير العزيز القدير.
ولما ساءت بتثبط الغيث الظنون، وانقبض بتبسط الشك اليقين