كان الجاهل المطاول قرع بابها، وأحصد في ظنه أسبابها، فتأمل كيف دؤوب هذا الموصوف بحقائق صفاته، المتابع لقبائح هناته، على إضرام نار الفتن، باستثارة دواعي الإحن، وتعريض المسلمين - عصمهم الله - للحوادث والمحن، وكيف لا يزداد على الأيام إلا جماعاً في ميدانه، وانقياداً لشيطانه، واستكثاراً من سوء عمله، على قريب أجله؛ وليشكر الله حق شكره من لم يضعه هذه الضيعة الورهاء الشوهاء، ويشعره هذه البصيرة العمياء الصماء، ومن طبع على قلبه، بمجاهرة عصيان ربه، فشره أبداً عتيد، وشيطانه مريد.

وفي فصل من أخرى: ورد كتابك مبيناً عن ود كماء المزن، وعهد كروض الحزن، مع بر حافلٍ وفيته، إلطاف بالغٍ أحفيته، مجلوين في معرض سيادة لاحظت ضميري لها عيون حور، وجاذبته منها ألفاظ أو انس نور، أرتني البيان كيف يدب سحره، والافتنان كيف يطم بحره، وزهر الآداب كيف يطلع من كمامه، ولؤلؤ الكلام كيف يتسق من نظامه، كل ذلك سافر عن وجهه طويةٍ سائلة غرة الإمحاض، سليمة جوهر الصفاء، مع علوقٍ مستحيلة الأعراض.

وله عنه منه أخرى إلى صاحب المهدية: إنني - أيدك الله - على ما بيننا من لججٍ خضرٍ، وفياف غير، لمستكثر من إخائك، مستظهر بوفائك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015