ولم تكد صحيفته تطوى، ولا شهيده يتولى، حتى غدروني في الحصن الفلاني باستنامة من كان فيه من قبل إلى السلم، وإضاعته استشعار الحزم، فلم أعجل بالتنكر، ولا سارعت بالتنمر، ورأيت الاستيناء، وآثرت الاستبقاء، رجاء أن يفكروا في العواقب، فيفيئوا إلى الواجب، ويعطفوا [55ب] إلى الرأي الصائب، وأعدت إليهم من أمكنني إعادته من السفراء، فلقوا منهم بدهة وإباءً، والتواءً وانزواء، ولما رأيت ذاهب رشادهم لا يرجع، ودواء استصلاحهم لا ينجع، وثأي نصفتهم لا يرأب، وغائب فيأتهم لا يرتقب، عملت على الإيثار، واستجمعت لذي الانتصار، وسقيتهم بمثل كاسهم، ورميتهم عن نظائر قياسهم، فلم يطل أمد، ولا كثر من ماضي الأيام عدد، حتى حصل من وجوه قوادهم، ورؤوس أجنادهم، فلان وفلان، إلى ستةٍ وعشرين رجلاً أحيط بهم أسراً، وتقبض عليهم طراً، وجعلوا قراهم البث واللهف، وأبا مثواهم الهون والخسف.
وله من أخرى عنه: شر الناس لنفسه من جهل مقدارها، ولم يتهم اختيارها، وقفا إذا شرهت وعميت آثارها، وطار بجناح طمعها، إلى