إلى السلم سبيل، ولا يبدو من الوفاق دليل، ولا يلوح للنجاح وجه مقبول، بما كان السفراء يلقونه من تشطط في غير كنهه، ومقابلتي بما كان يأتي من شبهه، إلى أن تطأطأ من سموه، وتقاصر من علوه، ونضا عنه ثوب الرياء، وأبدى وجه حاجته إلى الانقياد والاستبقاء، فأنبت إنابة من يؤثر الهدنة على الفتنة، وتأتيت إرادة من يريد إدالة المودة من الإحنة، وأنا أعتقد أنه مصحح فيما أراه، صادق في الذي أعطاه، أقضي على الظاهر، ولا أتجاوز تصفح الحاضر، وإذا ما هو مصر غدرةً شوهاء، لو تهيأ مراده منها لأغصت بالريق، وللفت السوق بالسوق، ولكن الله بما عودنا من فضلة نبه على الغامض، وأبان عن برق الخلب الوامض، فرأيت مكنون الضمير، بعين التفكير، ونشرت مطوي الجوانح بيد التدبير، فإذا كل ما عقد منحل، وما أبرم مضمحل، فرددت عندما خلج عقده إليه، وقلبت غير مليم ظهر المجن إليه.
ومن أخرى عنه: كنت قد هادنت أهل غرناطة - لا زالوا في أذيال مكرهم عاثرين، وفي أيدي غوائلهم مستأسرين - مهادنةً دعوني إليها فأجبت، واستدنوني نحوها فدنوت، فلما أشرقت على التمام، وآذنت بالانصرام، راسلوني في تماديها فساعدت، وأرادوني على اتصالها فانفعلت وأنفذت، وانعقد بيننا عقد بولغ في تأكيده، وتنوهي في إحكام مواثيقه وعقوده