انتهاز الفرصة يديه، فأخرجت ابني الظافر مستعيناً بالله معولاً عليه، متبرئاً من الحول والقوة إليه، فلما دنا من المحلة الذميمة واصطفوا إزاءها، اقتحم سرعان رجالنا نهراً كان بينهم، مبادرين غير هابين، ونشأت بين الفريقين حرب أجلت عن أعداد صرعى من أصحاب المخذول، ثم تلا ذلك عيون كافة العسكر وصدقت الحملة على الخائنين، فلم يلبثوا أن ولوا مدبرين، وألقوا بأيديهم منهزمين، والأسنة تحفزهم، والجلاد يزعجهم، فانحجزوا بالحصن وأسلموا محلتهم، فحيز جميعها، وغنم من كراعهم وسلاحهم وسائر أسلابهم جمل تفوت الحصر، وتعجز الوصف، وبقي المخاذيل إلى آخر النهار، ثم خرجوا مع المغيب، وشعر بفعلهم، فاتبعتهم الخيل إلى النهر، فتهافتوا فيه تهافت الفراش في النار، وفروا على عاجل البوار، وكان الشاذ منهم من سليم، والجم الغفير من غرق وتلف، والله حسيب من أورطهم وأغراهم، والمنتقم ممن قادهم إلى مناياهم. وأما المخذول المعهود خوره، والشديد تهوره، فإنه سقط عن مركبه في تلك الصدمة سقوطاً أوهنه وكلمه، ولولا من كر عليه حتى أقل واحتمل لحصل في ربقة الأسر، ولغلق رهنه إلى آخر الدهر.

وله من أخرى: وقد كانت نشأت بيننا وبين فلان، النطف الود، السيء العهد - جزاه الله جزاء من خاس بذمامه، ونثر عقد الوفاء بعد انتظامه - مداخلة توسطها رؤساء، وتقلد وزراء، طالت زمناً لا ينتهج فيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015