التمرد والطغيان، على السعي الخبيث الذي لا يصر على مثله إلا منحرف عن الملة، منسلخ عن [53أ] الخبر بالجملة، طلب الغرة في قرطبة حتى أصابها، وارتقب الفرصة حتى ولج بابها، ليلاً في زمرة من أخابيث أصحابه، بعد أن هيئ له فتحه، ودخل المدينة، وصادف السرب آمناً غريراً، والعدد قليلاً نثيراً، ويمم موضع المطهر بالشهادة، فنذر بهم وخرج مطالعاً للأمر، فلم يبعد أن غشيه المردة فثبت لها مدافعاً عن نفسه حتى أفيظت - رحم الله موقعه فريداً مسلماً، وأقره في جواره العزيز سعيداً مكرماً.
ثم عاث المذكور في البلد، واستثار أشباهه من السفلة الأراذل، في استباحه المنازل، فأجابوه وانضمو إليه، وصار جمعه منهم وبتوت أمره بهم، وأما سائر الأعلام والأسواط فرءاء من هذه القصة، ناؤون عن المشاركة في هذه الدنية، بغتهم من الحال ما لم يعلموا، ففوضوا وسلموا؛ وبادرت إلى عرض ما وقع على فضل تأملك، لترى جد هذا العدو المطالب، المشاق المناصب، وإكبابه على التسلط والتمرد، إلى أن انتهك الحرمة