وقال المتنبي:

شُجاعٌ كأنَّ الحَرْبَ عاشِقةٌ لَه ... إذا زارَها فَدَّتْه بالخَيْلِ والرَّجْلِ

المُراد بالخيل: الفرسان، والرَّجْل جمع راجل يقول: هو شجاع يَقْتلُ ولا يُقْتلُ فكأنَّ الحرب تعشقه فإذا زار الحرْبَ استَبْقَتْه وأفنت مَنْ سِواه من الفرسان والرجال، فكأنّما جَعَلتْهم فِداءً له.

وقال:

وكَمْ رِجالٍ بِلا أرْضٍ لِكَثْرتِهِمْ ... تَرَكْتَ جَمْعَهُمُ أرْضاً بِلا رَجُلِ

ما زال طِرْفُك يَجْري في دِمائِهِمُ ... حتّى مَشى بِكَ مَشْيَ الشّارِبِ الثَّمِلِ

قوله: وكم رجال. . . ألبيت يقول: كم جمع الأعداءُ لك جُموعاً تغيبُ الأرضُ من كثرتهم وتخفى على الأبصار حتّى كأنّهم رجالٌ بلا أرض فقتلتهم وأفنيتَهم حتّى خلِيَت أرضهم فبقيت ولا رجلَ فيها، وفي هذا البيت نظر من ناحية كثرة الجيش إلى قول أبي تمَّام في صفة جيش:

مَلأَ المَلا عُصَباً فكادَ بأنْ يُرى ... لا خَلْفَ فيهِ ولا لَه قُدّامُ

وقوله: ما زال طِرفك. . . . ألبيت، فالطِّرْف: الفرس الكريم، والثَّمِل السّكران، يقول: ما زِلْتَ تخوض دماءَهم بفرسِك حتّى تعثّر بالقتلى وأمالَتْه دماؤُهم عن سُنَنِ جَرْيِِه وأزْلَقَتْه حتّى مشى بك مشْيَ السكران

وقال الشَّابُ الظّريفُ من قصيدةٍ له يمدح بها ابن عبد الظاهر:

ومَعْشَرٍ لَمْ تَزَلْ لِلْحَرْبِ بِيضُهُمُ ... حُمْرَ الخُدودِ وما مِنْ شَأنِها الخَجَلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015