تحت أخْمَصِه. وقوله: غدا غدوة. . . ألبيت يقول: إنّه عاش محموداً مشكوراً ومات مثوباً مأجوراً. وقوله: تردّى ثياب الموت. . . ألبيت يقول: إنّه ارتدى الثياب المُلَطَّخة بالدم فلم يَنْقَضِ يومُ قَتْلِه ولم يَدْخُلْ في ليلتِه إلا وقدْ صارَتْ الثيابُ خُضْراً مِنْ سُندسِ الجَنَّة. قال علماء البيان: في هذا البيتِ الطِّباقُ المُسمّى بالتَّدْبيح، وهو أنْ يذكرَ الشاعرُ أو الناثرُ في معنًى من المدح أو غيره ألْواناً لِقَصْد الكنايةِ أو التَّوْرِية، ويُسمّى تَدْبيحَ الكناية أيضاً، فإنه هنا ذكر لون الحُمْرةِ والخُضْرَةِ والمُرادُ من الأول الكنايةُ عن القتلِ ومن الثاني الكنايةُ عَنْ دُخول الجنة

وقال البُحْتُرِيُّ:

مَعْشَرٌ أمْسَكَتْ حُلومُهُمُ الأرْ ... ضَ وكادَتْ لَوْلاهُمْ أنْ تَميدا

فإذا الجَدْبُ جاَء كانوا غُيوثاً ... وإذا النَّقْعُ ثارَ ثارُوا أسُودا

وكأنَّ الإلَهَ قالَ لَهُمْ في الْ ... حَرْبِ كونوا حِجارةً أو حَديدا

وقال مسلم بن الوليد:

لَوْ أنَّ قَوْماً يَخْلُقونَ مَنِيَّةً ... مِنْ بأسِهِمْ كانوا بَني جِبْريلا

قورٌ إذا حَمِيَ الوطيسُ لديهِمُ ... جَعلوا الجَماجِمَ للسُّيوفِ مَقيلا

وقيل للمُهلَّب بن أبي صُفْرة: إنّكَ لَتُلْقي نَفْسَك في المَهالِكِ! فقال: إنْ لَمْ آتِ الموتَ مُسْترْسِلاً، أتاني مُسْتَعْجلاً، إنّي لستُ آتي الموتَ من حُبِّه، وإنَّما آتيه مِنْ بُغْضِه، وتَمثّلَ بقولِ الحُصَيْن بن الحمام:

تأخَّرْتُ أسْتَبْقي الحياةَ فلَمْ أجِدْ ... لِنَفْسِي حياةً مِثْلَ أنْ أتَقَدَّما

وقَدْ تَقدَّم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015