فقال له سعيد: لا تخرج فإنه بلغنى أنه من خرج بعد الأذان - خروجا لا يرجع إليه - أصابه أمر سوء. قال فقعد الرجل ثم إنه استبطأ الإقامة. فقال: ما أراه إلا قد حبسنى فخرج فركب راحلته فصرع فكسر فبلغ ذلك ابن المسيب فقال: قد ظننت أنه سيصيبه ما يكره.
(قال) ابن رشد: قول ابن المسيب (بلغنى) معناه عن النبى صلى الله عليه وسلم إذ لا يقال مثله بالرأى. وهى عقوبة معجلة لمن خرج بعد الأذان من المسجد على أنه لا يعود إليه. لإيثاره تعجيل حوائج دنياه على الصلاة التى أذن لها وحضر وقتها (?).
هذا. والنهى عن الخروج بعد الأذان مقيد عند الحنفيين بما إذا لم يكن صلى وليس ممن تنتظم به جماعة أخرى. بأن كان إماما أو مؤذنا تتفرق الناس بغيبته فله الخروج ولو عند الشروع فى الإقامة. وكذا لا يكره الخروج بعد الأذان لمن صلى منفرداً فى كل الصلوات إلا فى الظهر والعشاء فإنه يكره الخروج عند الشروع فى الإقامة لا قبله (قال) أبو عمر بن عبد البر: أجمعوا على القول بهذا الحديث لمن لم يصل وكان على طهاره، وكذا إن كان قد صلى وحده - إلا ما لا يعاد من الصلوات - فلا يحل له الخروج من المسجد بالإجماع إلا أن يخرج للوضوء وينوى الرجوع (?) وكذا يباح الخروج لعذر آخر كمدافعة الأخبثين أو الريح أو حصول رعاف، وما أحدث فى المساجد من البدع كرفع صوت بقراءة أو ذكر على وجه يشوش على المتعبدين، والتبليغ لغير حاجة، وفسق الإمام بارتكاب محرم، ومنه نقر الصلاة وعدم الاطمئنان فيها، لما تقدم عن مجاهد بن جبر قال: كنت مع ابن عمر رضى الله عنهما فثوب رجل " أى قال الصلاة خير من النوم " فى