(واعلم) أنه لابد للعامل والزوجة والمملوك من إذن المالك في ذلك، فإن لم يكن إذن اصلا فلا أجر لهم، بل عليهمك وزر بتصرفهم في مال الغير بغير إذنه، والإذن صريح مفهوم من العرف والعادة كإعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت به العادة وعلم بالعرف رضا المالك وإذنه حاصل وإن لم يتكلم، فإن شاك في رضاه أو علم من حاله الشح بذلك أو شك فيه لم يجز للمرأة وغيرها التصدق من ماله إلا بصريح إذنه (?).
(هـ) التصدق على الصالحين:
الصالح المتقي الواقف عند الحدود القائم بحق العباد والمعبود- فهو الذي ترجى بركته وتستجاب دعوته- لذا يستحب للإنسان أن يخصه بصدقته إعانة له على طاعة الله تعالى (لحديث) أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي" أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم وقال: صحيح وأقره الذهبي (?). {195}
المراد أن المطاعمة توجب الألفة وتؤدي إلى الخلطة، ومخالطة غير التقي تخل بالدين وتوقع في الشبه والمحظورات، فكأنه ينهي عن مخالطة الفجار، إذ لا تخلو عن فساد إما بمتابعة في فعل أو مسامحمة في إغضاء عن منكر فإن سلم من ذلك ولا يكاد فلا تخطئه فتنة الغير به، وليس المراد حرمان غير التقي من الإحسان، لأن المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم أطعم المشركين وأعطى المؤلفة المئين، بل المراد الإرشاد إلى الأكمل وألا يخالط غير التقي. فالمعنى لا تصاحب إلا مطيعا ولا تخالل إلا تقيا (?).