وزينتك تبدين وخيرك تكدرين وجارك تؤذين وزوجك تعصين، ثم وضع أصابعه الخمس على وجهها فقال: خمس بخمس ولو زدت زدناك. فأصبحت وأثر الأصابع في وجهها. ذكر الحارث بن أسد المحاسبي (?).

(قال) ابن القيم: وأعجب من ذلك ربما رأيت النائم يقوم ويضرب ويبطش ويتكلم كأنه يقضان وهو نائم لا شعور له بشيء من ذلك. وذلك أن الحكم لما جرى على الروح استعانت بالبدن من خارجه ولو دخلت فيه لاستيقظ وأحس، فإذا كانت الروح هنا تتألم وتتنعم فيصل ذلك إلى البدن بطريق الاستتباع ففي البرزخ أقوى، فإذا كان يوم الحشر صار الحكم على الأرواح والأجساد معا، ومتى أعطيت هذا الموضع حقه لاحت لك أسرار أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم من عذاب القبر ونعيمه. ومن أشكل عليه شيء من ذلك فمن قلة علمه وسوء فهمه. وأغرب من ذلك أنك تجد النائمين في فراش واحد: هذا روحه في نعيم، وهذا روحه في عذاب، وربما استيقظا أو أحدهما وأثر ذلك على بدنه ولا شعور لأحدهما بما فيه الآخر (?).

... (الثانية) أعلم أن الله تعالى حجب أمر الآخرة وما كان متصلا بها عن إدراك المكلفين في هذه الدار، وذلك من كمال حكمته ليتميز المؤمن بالغيب من غيره. وأول ذلك نزول الملائكة على المحتضر على الهيئات التي تقدمت في الأحاديث. وقد يسلمون عليه ويرد عليهم بلفظ أو إشارة. وربما سأل من عنده عنهم: من أين هؤلاء الرجال الحسان؟ ونحو ذلك، وكل من امتدت حياته في هذه الدار رأى من ذلك ما يغنيه عن الأخبار، ويكفي من ذلك قوله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015