أفادت هذه الأحاديث عشرة أمور:
(أ) النهي عن تجصيص القبور- وقد تقدم بيانه (?).
(ب) النهي عن البناء على القبور:
يعني أي بناء كان سواء تعلق بالميت كقبة أو بالحي كحجرة أو مدرسة أو خباء أو مسجد، أو كان البناء على نفس القبر ليرتفع من أن يوطأ كما يفعله كثير من الناس. وكره أحمد أن يقام على القبر فسطاط، لأن أبا هريرة أوصى حين حضره الموت: أن لا تضربوا على فسطاطا (?)
(ولظاهر) النهي في الأحاديث قال ابن حزم: يحرم البناء على القبر مطلقا، وحمل غيره النهي على الكراهة إذا كانت الأرض غير مسبلة ولا موقوفة ولم يقصد بالبناء الزينة وإلا كان حراما (ولذا) قال الحنفيون: يحرم البناء على القبر للزينة ويكره للإحكام إلا إذا كانت الأرض موقوفة وإلا حرم مطلقا لما في ذلك من التحجير على الناس، وكذا المسبلة وهي التي اعتاد الناس الدفن فيها ولم يسبق لأحد ملكها. (وتكره) القباب والستور والعمائم لقبور الصالحين وغيرهم.
... (وقالت) المالكية والشافعية: يكره البناء على القبر أو تحويط عليه ولو بلا قبة إن كان بأرض مباحة ملك للميت أو غيره بإذنه أو أرض موات إذا لم يكن مباهى بها. فإن كان بأرض غير مباحة بأن كانت موقوفة للدفن مثل قرافة مصر أو فعل ذلك للمباهاة حرم لما فيه من التحجير على ما هو حق لجميع المسلمين ولأنه من الإعجاب وهما منهي عنهما، وكذا يحرم البناء والتحويط إذا كان ذريعة لإيواء أهل الفساد (?)، ومن الضلال المجمع عليه أن كثيرا من الأغنياء يبنون أسبلة ومدارس ومساجد وحجرا للاستقبال والبيات وينبشون القبور ويجعلون محلها المراحيض ويزعمون أنهم يحسنون صنعا. كلا ما فعلوا إلا الضلال والبهتان.