بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال: وجبت. ثم مر بأخرى فاثنوا عليها شرا فقال وجبت. فقيل: يا رسول الله، قلت لهذا وجبت ولهذا وجبت؟ قال: شهادة القوم، المؤمنون شهداء الله في الأرض. أخرجه البخاري (?). {586}

فالمعول عليه في ذلك شهادة أهل الفضل والصلاح والصدق والأمانة بخلاف الفسقة لأنهم قد يذكرون أهل الفسق بالخير وأهل الفضل والصلاح بالشر فليسوا داخلين في هذا الحديث. ومصداقه قول الله تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا " (?) أي جعلناكم عدولا خيارا تشهدون على غيركم من الأمم ويكون الرسول مزكيا لكم مبينا عدالتكم. ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ذكر مساوئ الميت - مع نهيه صلى الله عليه وسلم عن سب الأموات كما يأتي - لأن النهى عن سبهم إنما هم المؤمنون الصالحون. أما المنافقون والمجاهرون بالفسق فيجوز سبهم للتحذير من التخلق بأخلاقهم (والظاهر) أن الذي اثنوا عليه شرا كان من المنافقين كما تقدم عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على الذي أثنوا عليه شرا وصلى على الآخر (?).

(ويحتمل) أمران آخران: (أ) أن الذي كان يحدث عنه الشر كان مجاهرا به فيكون من باب: لا غيبة لفاسق. (ب) يحمل النهى على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015