شيخا بحسن ظن وعقيدة. يحكمه فى نفسه لمصالح دينه يرشده ويهديه ويعرفه الطريق، ويبصره بىفات النفوس وفساد الأعمال، ومداخل العدو فيسلم نفسه إليه ويستسلم لرأيه ويستصوبه فى جميع تصاريفه، فيلبسه الخرقة إظهارا للتفويض والتسليم: ودخوله فى حكم الشيخ دخول فى حكم الله ورسوله وإحياء لسنة المبايعة مع رسول الله صلى الله علية وعلى آله وسلم (ثم قال) وسر الخرقة أن الطالب الصادق إذا دخل فى صحبة الشيخ وسلم نفسه له وصار كالولد الصغير مع الوالد يربيه الشيخ بعلمه المستمد من الله تعالى بصدق الافتقار وحسن الاستقامة ويكون للشيخ بنفوذ بصيرته الإشراف عليه ن فقد يكون المريد يلبس الخشن كثياب المتقفين المتزهدين، وله فى ذلك هوى كامن فى نفسه ليرى بعين الزهادة، فاشد ما عليه لبس الناعم. وللنفس هوى واختيار فى هيئة مخصوصة من الملبوس. كقصر الكم والذيل وطوله وخشونته ونعومته على قدر هواها، فليلبس الشيخ مثل هذا الراكن لتلك الهيئة ثوبا يكون سببا فى كسر هوى نفسه. وقد يكون على المريد ملبوس ناعم أو هيئة فى الملبوس تشرئب النفس الى تلك الهيئة بالعادة، فيلبسه الشيخ ما يخرج النفس من عادتها وهواها.
فتصرف الشيخ فى الملبوس كتصرفه فى المطعوم، وكتصرفه فى صوم المريد وإفطاره وكتصرفه فى امر دينه بإرشاده إلى ما يرى له من المصلحة من دوام الذكر والتنفل بالصلاة ودوام التلاوة والخدمة، وكتصرفه فيه برده الى الكسب وغيره، فيأمر كل مريد بما يصلحه من أمر معاشه ومعاده، ولتنوع الاستعدادات تنوعت مراتب الدعوة. قال الله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (?)
(فالحكمة) رتبة فى الدعوة وكذا الموعظة والمجادلة، فمن يدعى بالحكمة لا يدعى بالموعظة وبالعكس ن فهكذا الشيخ يعلم من هو على وضع الأبرار ومن هو على وضع المقربين، ومن يصلح لدوام الذكر، ومن يصلح لدوام الصلاة، ومن له هوى فى التخشن أو فى التنعيم، فيخلع المريد من عادته ويخرجه من