السوداء تسن فى زمن دون آخر، أو تختص بطائفة دون أخرى، وغير ذلك مما يبوقله أهل الافتراء والأهواء من الهذيان الذى ينادى عليهم بأنهم لا يعرفون شيئا من واضح أحكام الدين.
وأين أولئك المجازفون المفترون من نحو قوله صلى الله عليه وسلم: من تمسك بسنتى عند فساد أمتى فله أجر مائه شهيد. أخرجه البيهقى عن ابن عباس (?) {301} وقوله صلى الله عليه وسلم: من أحيا سنتى فقد أحبنى ومن احبنى كان معى فى الجنة. رواه السجزى فى الإبانة عن أنس (?) {302}.
(فإن لم) يكن العمل بالسنة - لا سيما ما دثر منها عند فساد أهل الزمان وإعراضهم عن العمل بالوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (عملا) قيما جليلا، فما فائدة هذا الترغيب الصادر من المبعوث رحمة للعالمين؟ {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ} {وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} (?)
بعدما تقدم من الأدلة الواضحة والبراهين الساطعة. نرى بعض من لم يوفق لإرسال عذبة العمامة يقول: العذبة من سنن الزوائد وهى لاثواب فى فعلها ولا عتاب فى تركها. يقصد بذلك رفع اللوم عنه فى عدم إرخائه العذبة. وهذا خطأ منه، لأن إرخاء العذبة من سنن الهدى لا الزوائد، لما تقدم من الأحاديث النبوية، والنصوص الفقهية الناطفة بأن النبى صلى الله عليه وسلم فعلها لنفسه ولغيره وأمر بفعلها وقال: إنها أعرب وأحسن وأجمل. وسنن الهدى يثاب على فعلها ويلام على تركها. وعلى فرض أنها من سنن الزوائد فسنن الزوائد يثاب عليها، فلا يعقل أن فعلها وتركها سواء.