وهو صريح في أن مناط التحريم الخيلاء، وأن الإسبال قد يكون للخيلاء وقد يكون لغيره، فلابد من حمل قوله: فإنها من المخيلة فى حديث جابر بن سليم على أنه خرج مخرج الغالب. فيكون الوعيد المذكور فى حديث الباب متوجها إلى من فعل ذلك اختيالا " والقول " بأن كل إسبال من المخيلة أخذا بظاهر حديث جابر "تردُّه " الضرورة، فإن كل أحد يعلم أن من الناس من يسبل إزاره مع عدم خطور الخيلاء بباله " ويرده " ما تقدم من وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأبى بكر: إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء. وبهذا يحصل الجمع بين الآحاديث وعدم إهدار قيد الخيلاء المصرح به فى الصحيحين أهـ بتصرف (?).
(وقال) القسطلانى فى المواهب اللدنية: وحاصل ما ذكر فى الأحاديث أن للرجل حالين استحباب وهو أن يقتصر بالإزار على نصف الساق. وحال جواز وهو أن ينزل به الى الكعبين، وكذا للنساء حالان: حال استحباب وهو أن تزيد على ماهو جائز للرجال بقدر الشبر. وحال جواز وهو أن تزيد على ما هو جائز للرجال بقدر الذراع، وأن الإسبال يكون فى القميص والعمامة والإزار، وأنه لا يجوز إسباله تحت الكعبين إن كان للخيلاء. وإن كان لغيرها فهو مكروه للتنزيه أهـ.
هذا. وإنه ليسوءنا ويسوء كل غيور على دينه حريص على سعادة أمته أن ترى مخالفة هذه الأدلة بين ظهرانينا من الرجال والنساء.
فنرى الرجال يسبلون الثياب تجر على الأرض ذيولها، ويوسعون الأكمام ويتركون الحبل على الغارب للنساء، فيقصرن الثياب ويكشفن الرءوس والنحور والصدور. ويسرن فى الطرقات متعطرات متبرجات متهتكات، كاسيات عاريات مائلات مميلات، يبدين زينتهن ويظهران أطرافهن على مرأى ومشهد من القريب والبعيد.