الوثابة المتفانية فى نصره الدين والسنة المطهرة، ولا ينبغى شهرة ولا أثرة (?) وكان النبأ مروعا، وكانت الفاجعة أليمة، والكارثة عظمى، والخسارة غير هينة وليست على مسلمى مصر فحسب، بل على مسلمى الشعوب التى عرفت مكانته، وانطوت قلوبهم على محبته، وعلى العمل بما كان يدعو إليه من خير العمل. وكم كانت دهشة الناس وحيرتهم بهذا النبأ المزعج إذ فقدوا أمامهم ومحط آمالهم، من كانوا إليه يهرعون. وبدعوته إلى العمل بالدين الحق يسارعون. وكم كانت آلامهم التى تفتت الأكباد، وتصدع الأفئدة، وتحز حنايا (?) الضلوع، حينما وثقوا أن الشيخ ينتزع من بينهم انتزاعا إلى مقره الأخير، إلى روضته الندية إلى جدثه مهبط الرحمة والرضوان، بعد أن صلى عليه أكبر أنجاله الكرام الأستاذ السيد أمين، يؤم الجم الغفير ممن وصل إليه النبأ من سكان القاهرة، وهم قل من كثر من تلامذته ومحبيه المنتشرين فى القاهرة وضواحيها وبلدان القطر وغيره من الأقطار العربية.
تشييع الإمام الراحل إلى قبره:
صلى عليه هذا الجم الغفير فى ساحة داره الواسعة بجوار مسجده المعمور. ثم أخذ الناس يتهافتون على حمل سريره كلما مر عليهم وكنت ترى الشوارع مكتظة تموج بهم موجا. حتى أن السرير كانت لا تبصره العيون من ازدحام الجموع المشيعة، وكلهم تبدو على وجوههم علائم الأسى والحزن! !
واخترقت الجنازة فى سيرها شوارع الخيمية، والغورية، والسكة الجديدة، والمشهد الحسينى، والدراسة، وقرافة المجاورين، وخوند طولباى والسلطان أحمد ثم شارع قرافة باب الوزير. وفيه مدفن المرحوم إبراهيم باشا حليم. ثم انعطف السائرون يمنة مخترقين شارع حسن بك حسنى. وفيه على يسارهم المقبرة الشرعية،