عليه وعلى آله وسلم، وكم كنت تسر وينشرح صدرك حينما ترى الأستاذ المؤلف المرحوم بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع متربعا على كرسيه فى تلك الرقعة البسيطة من الأرض يحتف به حزب الله وجنود الله، كأنما على رءوسهم الطير. والشيخ ينثر بينهم الدرر والجواهر من عظاته البالغة، ونصائحه الحكيمة بأسلوب واضح جلى تصل آثاره إلى النفوس قبل الرءوس، فيهذبها ويحييها. وفى المجلس الحاشد العالم وغيره، فيأخذ كل بغيته وفوق ما يتمنى. وما اقتصر المؤلف (تغمده الله برحماته) على موعظة هذا اليوم الأسبوعي. بل كان يلقى درسين فى هذا المسجد بعينه ليلة الجمعة وليلة السبت من كل أسبوع فى الحديث النبوى. فدرس سنن الإمام النسائى كلها. وجزءا غير قليل من سنن الإمام أبى داود. وما عاقه عن إتمامه إلا المنية أسبغ الله عليه الرحمة وعمه بالإحسان والرضوان.
وانك لتعجب العجب كله وأنت متعلم مثقف حينما ترى الأمى الساذج يجلس بجوارك جنبا إلى جنب يتفهم أحكام الدين بسهولة من غير تكلف ومن غير ما حرج! .
ألا أن هذا المسجد المؤسس على تقوى من الله ورضوان، ينادى المسلمين أن يفدو إليه ليروا صورة مكبرة لعهد أول الإسلام غير مشوبة بما يبرأ منه الإسلام!
والله تعالى يعلم أن الجمعية ما أرادت بإنشاء مساجدها المتعددة فى القاهرة وسواها من بلدان القطر ضرارا ولا تفريقا بين المؤمنين، بل ما قصدت إلا إرشاد المسلم إلى عبادة نقية نائية عن الجلبة والضوضاء والتهويش، عبادة ملؤها الخشوع والخضوع لله الملك الدوس، الذى يعلم خائنه الأعين وما تخفى الصدور.
هذا، وان مساجدها مفتحة الأبواب من مطلع الفجر إلى ساعة متأخرة من الليل، يتردد إليها المسلمون على اختلاف طبقاتهم فيجدون إخوانا لهم رحماء فرحين مستبشرين!
ومن آثار الجمعية الميمونة تلك المنسوجات الشرعية الوطنية. التى كانت تصنع