(ورده) الجمهور بأنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم القصر صريحاً فى اقل من مرحلتين أو فرسخ، فهو مقيد لإطلاق الآية والأحاديث.
(وعلى الجملة) فلم يرد عن النبى صلى الله عليه وسلم دليل صحيح صريح يفيد تحديد مسافة القصر. قال أبو محمد عبد الله بن قدامة: قال المصنف (يعنى الإمام أبا القاسم الخرقى): ولا أرى لما صار إليه الأئمة حجة، لأن أقوال الصحابة متعارضة مختلفة، ولا حجة فيها مع الاختلاف. وقد روى عن ابن عباس وابن عمر خلاف ما احتج به أصحابنا. ثم لو لم يوجد ذلك لم يكن فى قولهم حجة مع قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله. وإذا لم تثبت أقوالهم امتنع المصير إلى التقدير الذى ذكروه لوجهين:
(أحدهما) أنه مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم التى رويناها، ولظاهر القرآن، لأن ظاهره إباحة القصر لمن ضرب فى الأرض، لقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ}.
وقد سقط شرط الخوف بالخبر المذكور عن يعلى بن أُمية (?) فبقى ظاهر الآية متناولا كل ضرب فى الأرض.
(وقول) النبى صلى الله عليه وسلم: يمسح المسافر ثلاثة ايام (?) (جاء) لبيان مدة المسح فلا يصح الاحتجاج به ههنا، وعلى أنه يمكنه قطع المسافة القصيرة فى ثلاثة ايام، وقد سماه النبى صلى الله عليه وسلم سفراً فقال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذى محرم (?).