قال الحافظ: وهو أصح حديث ورد فى بيان ذلك (?) وأصرحه. وقد حمله من خالفه على أن المراد به المسافة التى يبتدأ منها القصر لا غاية السفر، ولا يخفى بعد هذا الحمل، مع أن البيهقى ذكر فى روايته أن يحيى بن يزيد راويه عن أنس قال: سألت أنساً عن قصر الصلاة وكنت أخرج إلى الكوفة - يعنى من البصرة - فأصلى ركعتين ركعتين حتى أرجع. فقال أنس .. فذكر الحديث.
فظهر أنه سأله عن جواز القصر فى السفر لا عن الموضع الذى يبتدأ القصر منه. ورده القرطبى بأنه مشكوك فيه فلا يحتج به، فإن كان المراد به أنه لا يحتج به فى التحديد بثلاثة أميال فمسلم، لكن لا يمتنع ان يحتج به فى التحديد بثلاثة فراسخ. فإن الثلاثة أميال مدرجة فيها فيؤخذ بالأكثر احتياطاً (?).
(لكن) قال أبو سعيد الخدرى: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فرسخاً يقصر الصلاة. أخرجه سعيد بن منصور. وذكره الحافظ فى التلخيص ولم يتكلم عليه (?). [43].
فإن صح كان الفرسخ هو المتيقن ولا يقصر فيما دونه إلا إذا كان يسمى سفراً لغة أو شرعاً.
(وقال) ابن حزم: اقل مسافة القصر ميل لإطلاق السفر فى قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} (?)، قال: فلم يخص الله ولا رسوله ولا المسلمون سفراً من سفر. واحتج على ترك القصر فيما دون الميل بأنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى البقيع لدفن الموتى وخرج إلى الفضاء لقضاء الحاجة ولم يقصر.