فعض الذي أبقى المواسى من أمه ... خفير رآها لم يشمر ويغضب
وقال ابن المعكبر يمدح مخارقاً ومساحقاً ابنى شهاب:
لولا الإله ولولا نعمة سبقت ... وابنا شهاب عفى آثارها المور
إن الخزاعى من يعلق بذمته ... يفرج الأمر عنه وهو مسرور
أنقذتني من ذمار بعدما شرعت ... بيض الوجوه كما شيف الدنانير
إيها فداء لكم أمي وما ولدت ... لا مقرفون ولا سود عواوير
أوصى شهاب بنيه حين فارقهم ... ألا تكونوا كمن يطلى به القير
فقال له مخارق: لذاك خصصت وإنما ردتها لك مازن. فقال: - فعمهم - يذم بني العنبر:
أبلغ عدياً حين شطت بها النوى ... فليس لدهر الطالبين فناء
كسالى إذا أدعوهم غير منطق ... يلهى به المحروب وهو عناء
لهم ريثة تعلو صريمة أمرهم ... وللأمر يوماً راحة فقضاء
أخبر من لاقيت أن قد وفيتم ... ولو شئت قال المخبرون أساءوا
وإني لراجيكم على بطىء سعيكم ... كما في بطون الحاملات رجاء
فهلا سعيتم سعى عصبة مازن ... وهل كفلائى في الوفاء سواء
كأن دنانيراً على قسماتهم ... وإن كان قد شف الوجوه لقاء
لهم أذرع باد نواشر لحمها ... وبعض الرجال في الحروب غثاء
زيد الفوارس بن حصين بن ضرار الضبي أغارت بنو ضبة على إبل سبيع ابن الخطيم التيمى فأتى زيداً فشكى إليه ذلك فلبس لأمته وأخذ رمحه ونادى يا لذهل فركبوا على آخذيها حتى انتزعها منهم فرد له المئر، فقال له سبيع:
إن ابن آل ضرار حين أندبه ... قدماً سعى لك سعياً غير مكفور
سالت عليه شعاب الجو حين دعا ... أنصاره بوجوه كالدنانير
إيهاً فداء لكم أمي وما ولدت ... فالحمد يبقى وناد الذم في حور
قيس بن عاصم البدغ، وكان من أغدر الناس، فجاوره ذبياني يتجر في أرض العرب فربطه وأخذ متاعه وشرب شرابه، حتى جعل يتناول النجم، فقال:
وتاجر فاجر جاء الإله به ... كأن عثنونه أذناب أجمال
ثم قسم صدقة النبي صلى الله عليه وآله في قومه فقال:
ألا أبلغا عنى قريشاً رسالة ... إذا ما أتتهم مهديات الودائع
حبوت بما صدقت في العام منقرا ... وأيأست منها كل أطلس طامع
وعتيبة بن الحارث بن شهاب اليربوعي نزل به أنس بن مرداس السلمى في بني سليم فشد على أموالهم فأخذها وربط رجالهم حتى افتدوا، فقال عباس بن مرداس أخو أنس:
كثر الخناء وما سمعت بغادر ... كعتيبة بن الحارث بن شهاب
جللت حنظلة الدناءة كلها ... ودنست آخر هذه الأحقاب
وأخذتم أنساً فما حاولتم ... بإسار جاركم بني الميقاب
والمساور من بني عدي، أصاب الناس سنة، فخرج كدام وبدر ابنا حمراء الضبيان، والمساور بن النعمان بن الجساس فاستجاروا نفراً من الأكابر من بني تيم الله بن ثعلبة فأجاروهم فرعوا بلادهم حتى أحيت بلاد بني تميم، فرجعوا وقد وفوا لهم ثم أصاب بلاد بكر بن وائل سنة فانتجع جيران كدام وبدر والمساور بلادهم فاستجاروهم فأجاروهم إلى أن تبسطهم سماء.
فقال بدر: ليأخذ كل واحد منا ما أطاق، وإن الرجل منا لا يطيق جماعتهم وبلادنا شتى، ففعلوا، فانطلق كل رجل منهم بجيرانه، ثم إن كداماً الضبي مر ذات يوم بجاره وهو يلوط حوضه فقنعه بالسوط، وقال: أحسن لوط حوضك.
فقال البكري: متى كنت أتهم عليها؟.
وبات المساور معرساً بجارته - وكان يبتنى بنسائهم - أي: يزنى ويأكل أموالهم ولا يدعهم يتحملون عنه، فلما أصبح زوجها أتى صاحبه فأخبره، فانطلقا إلى بدر فأخبراه ما أتى إليهما فأتاهما بدر فقال: ما صنعتم بجيرانكم وجيراني؟ فقال: ومالك ومالهم، نحن أعلم بجيراننا وأنت أعلم بجيرانك.
قال: كذبتم وعهد الله، لقد عقدت لهم جميعاً، وتجمعت حلائب قومه فخليا عنهم، فقال بدر لهم: النجاء إلى أرضكم وقال بدر في ذلك - يعنى أباه وكان لامه -:
أبلغ أبا بدر إذا ما لقيته ... فعرضك محمود وجارك وافر