وفيت وفاء لم ير الناس مثله ... بتعشار إذ يحبو إلى الأكابر
حبوت بها بكر بن سعد وقد حبا ... كدام بأخرى رهطه والمساور
فمن يك مبنياً به بنت جاره ... فإنى امرؤ عن بنت جاري جافر
أقول لمن دلت حبالي وأوردت ... تعلم وبيت الله أنك صادر
كذاك منعت القوم أن يتقسموا ... بسيفى وغريان الأشاجع خادر
وهم الذين أفرطوا فلم يظفروا بشئ وهدر ما طلبوا، منهم: الأصم بن أنس بن العباس صاحب الدثينة، ولطمه أبو جابر أحد بني عامر بن عكرمة بن قيس بن عيلان، وهم شرذمة حلفاء بني سليم بن منصور بن عكرمة، فقيل: اقتض فقال: لا، إلا أن أقتل آل جابر عن آخرهم، فقام قبائل سليم دونهم فهدرت والله لطمته فقال:
ألا أبلغا رعلا وأفناء فالج ... بما لطمتنى في المقامه عامر
بنى عامر هلا نهيتم سفيهكم ... أبا جابر سكران أو متساكر
ومنهم: زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي، وقتلت غني شأس ابن زهير فقال زهير: لا أرضى حتى أقتل غنياً عن آخرها فأنبئ عن رباح ابن ثعلبة بن الأعرج قاتل شأس أنه يأوى إلى ردهة، فبعث سرية من بني جذيمة يطلبونه فوقعوا عليه فقاتلوه حتى قتل الحصين بن أسيد ابن جذيمة وأصابته جراحة فخرج يستدمى حتى ورد على عجوز من عجز هوزان فلما رأته يستدمى قامت بنسعتها ترجو أن تأسره فنفحها فأشلها وقال:
ولأنت أجرأ من أسامة أو ... مني غداة تشلنى الخيل
وإذا الحصين لدى الحصين كما ... عدل الغبيط وجاره الميل
ومنهم: عبد الملك بن مويلك قال: لا أرضى حتى أقتل أنس بن مدرك فارس خثعم وبجيلة حتى قتل أنس السليك بن السلكة، وكان يجيره عبد ملك فيؤتيه إتاوه فلم يصنع شيئاً، وأصحر له أنس وذهبت دماؤهم هدراً.
خماعة بنت عوف الشيباني، وفكيهة من بني قيس بن ثعلبه وأم جميل من دوس، وهم رهط أبي هريرة من أهل السراة.
وكان الذي ذكر من وفاء خماعة أن مروان بن زنباع بن جذيمة العبسي أغار على إبل لعمرو بن هند فطلب حتى انتهى إلى ماء لبنى شيبان فنظر إلى أعظمها قبة فولجها، وهي قبة خماعة فاستجارها، فنادت في أهل بيتها فجاءوا وجاء الملك عمرو بن هند فقال: ادفعوا إلي، فقالوا: إن خماعة قد أجارته، فقال: قد أجارته؟ قال: فإني قد آليت أن لا أقلع عنه حتى يضع يده في يدي فقال أبوها عوف بن محلم: يضع يده في يدي وأضع يدي في يدك تبر يمينك؟ قال: نعم، ففعل، فزعمت بكر بن وائل أن الملك قال يومئذ: لا حر بوادى عوف، وتأويل ذلك: أن العزيز به والذليل سواء.
وكان الذي ذكر من وفاء فكيهة أن السليك ابن السلكة غزا بكر ابن وائل فلم يجد غفلة فكان ينتظر بها فرأوا أثر قدم لم يعرفوها فقالوا: والله إن هذا لأثر رجل يرد الماء، ما نعرفه فاقعدوا له وأمهلوه حتى يروى، فإذا روى فشدوا، ففعلوا فورد حتى قام قائم الظهيرة، حتى امتلأ وجعل يصب الماء على رأسه ووجهه، ففاعوا به فأثقله بطنه فعدى حتى ولج قبة فكيهة فاستجارها فأدخلته تحت درعها وجاءوا يتلونه فذبت عنه حتى انتزعوا خمارها، ونادت إخوتها وولدها فجاءوا عشرة فمنعوه، قال: وسمعت سنبلاً يقول: إن سليكاً كان يقول: كأنى أجد سبد شعرها على ظهري حين أدخلتني تحت درعها، وقال سليك:
لعمر أبيك والأنباء تنمى ... لنعم الجار أخت بني عوارا
من الخفرات لم تفضح أباها ... ولم ترفع لأسرتها شنارا
وكان الذي شهر ذكر وفاء أم جميل أن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي قتل أبا أزيهر الزهراني من أزد شنوءة، وكان صهر أبي سفيان بن حرب فلما بلغ ذلك قومه بالسراة وثبوا على ضرار بن الخطاب ابن مرداس الفهري ليقتلوه، فسعى حتى دخل بيت أم جميل وعاذ بها فضربه رجل منهم فوقع ذباب السيف على الباب، وقامت في وجوههم فذبتهم عنه ونادت قومها فمنعوه لها، ولما قام عمر بن الخطاب ظنت أنه أخوه فأتته بالمدينة فلما انتسبت عرف القصة فقال: إني لست بأخيه إلا في الإسلام، وقد عرفنا منتك عليه فأعطاها على أنها إبنة سبيل.
ماوية الدارمية، ولدت لقيطاً وحاجباً وعلقمة بنى زرارة بن عدس ابن زيد بن عبد الله بن دارم.